الغباء في إنتاج وإخراج السيناريوهات داخل دولة الطوابير
على وقع الاتهامات المجانية التي يوجهها قصر المرادية للمغرب سردا للأحداث ووقوفا معها أكتب هذا المقال راجما بالتكهنات؛
لعل الاتهام الأخطر والأبشع والأغبى هو الاتهام الأخير بكون المغرب وراء قتل سائقي الشاحنات، ووقوفا مع الأحداث أبدأ به باعتباره حديث الساعة؛
فقد استضافت قناة "الشرور" الرسمية بدولة الطوابير جنرالا خبيرا في الأسلحة، من أجل تحليل الحادث الذي ألم بالشاحنتين، وكعادة المسرحيات بدولة الطوابير فرَغم إبداعهم في الخيال إلا أن بعدهم عن الإبداع في الإخراج جعلهم مسخرة أمام العالم، فضلا عن الشعب المغربي،
فقد طرح عليه الصحفي سؤالا نصه: كيف جرى استهداف الشاحنتين بتلك الدقة؟ ليجيب جنرال العسكر: "لقد تم استهدافهما بسلاح متطور جدا ومن مسافة بعيدة جدا...، و نحن لا نعرف نوع السلاح الذي استخدم... !! "، لينتهي الكلام ويعم الصمت داخل حلبة البلاطو، متناسيا بأنه خبير في الميدان العسكري، وينبغي أن يحلل بطريقة أعمق مما يعرفها حتى الصغار، كما نسي الإعلامي دوره في التنشيط الحواري، لكن سرعان ما تدارك الصحافي تلك الكبوة الإعلامية بارتباك، ورَبَط بين واقع المغرب في نظره هو، وبين الحدث الرئيسي الذي خصص له حلقة حوارية بقوله: "لكن الجيش الشعبي لديه كل الإمكانيات لصد أي عدوان مغربي، وأن النظام المغربي اليوم يعاني من اضطرابات اجتماعية و مسيرات يومية بسبب مشاكل اللقاح والجواز وارتفاع الأسعار... !!"
هذا المقطع كافيا في فضح ألاعب الإخراج التلفزي العسكري، ومنه ننطلق في تحليلنا لما جرى للشاحنتين، ونعرج على ما تم تداوله - إلى الآن- بين الطرفين، وكيف تدخل المنتظم الدولي في شخص بعثة المينورصو لوقف أي تصعيد ممكن بالمنطقة، وبدء عمليات التحقيق، كما سنجيب على عدة أسئلة من ضمنها: لماذا المغرب لم يُعْر للحادث أي اهتمام واكتفاء مسؤول رفيع لم يُكْشف عن هويته بالتصريح لوسائل الإعلام الدولية؟
أسئلة مضمونها يدور حول إخلاء المغرب مسؤوليتها من الحادث، كما ترفض بشكل مطلق التورط في إشعال المنطقة بالحرب مع الجار المبدع في إنتاج المسرحيات المضحكة، وأن الجيش المغربي لم يستهدف الشاحنتين"...، بل الأكثر من ذلك فالمغرب تعرض خبرتها للتحقيق في الحادث، والتعاون مع المنتظم الدولي، مما يعني أن المغرب التي لديها مراقبة دقيقة للمنطقة بأعينها الفضائية وراداراتها ودروناتها المتطورة المتحكم فيها من بعيد...، ربما تمتلك أدلة قد تحرج قصر المرادية عن تفاصيل الحدث مما جعلهم يكتفون بالتصعيد الإعلامي، وربما رصدت ما جرى وأنها تحتفظ بما يجعلها في موقف هادئ ومتوازن؛ إذ لم يصدر أي بيان رسمي عن أي مؤسسة مغربية حتى اللحظة.
هذا الأسلوب الهادئ تعودنا عليه من طرف المغرب مع كل أعدائه فضلا عن دولة الطوابير خصوصا حينما يكون في موقف قوة كما حصل في قضية "بن بطوش المرتزق" خلال الأزمة مع إسبانيا، حين كانت "لايا غونزاليس" تبدي انزعاجها من عدم رد المغرب على تبريرات إسبانيا، لذلك فحديث الجنرال العسكري الذي تم تقديمه على البلاطو كخبير تسليح، كان يحلل بالعاطفة اقتداء بالبيان الرئاسي المضحك لقصر المرادية، الذي حاول الربط بين احتفالات قصر الشعب بدولة الطوابير بفاتح نوفمبر، ومسرحية استشهاد ثلاثة سائقين، وكأنهم كانوا في معركة تحرير، الشيء الذي دفع خبراء الحرب داخل الوسط العربي يحللون الحادثة، خصوصا المصريون والأردنيون؛ حيث اتفقوا بعد ما رأوا الصور والمقاطع المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعود للشاحنتين بأنها ليست غارة، ولم يتم استهداف الشاحنتين بأي صاروخ، موضحين بأن القذيفة التي تنزل من السماء سواء أكانت صاروخا أو غيره تخلف حفرة في المكان. فأين هي الحفرة في حالة الشاحنتين؟ و لماذا الهيكلين سالمين...؟ !!، مضيفين بأن أي صاروخ كيف ما كان حجمه إذا نزل فوق مدرعة فإنه يفتت مقصورتها أو نصفها، فماذا عن شاحنتين بهيكل من القصدير وألياف البلاستيك وو...، كما أشاروا إلى أن مسجل المقاطع بدا غير خائف وغير مرعوب وكأنه في نزهة أو محترف تصوير وثائقيات، أو صحفي تغطيات حرب، وأن السيارات المتواجدة بالقرب من الشاحنتين سليما....
ثم زادوا على ذلك بالقول بعد مشاهدة لمقطع فيديو به رجل وامرأة من المرتزقة، واللذان كان يحكيان بأنهما كانا مع آخرين على بعد خطوات لحظة تعرض الشاحنتين المحترقتين للحادث، على أنها شهادة كاذبة عسكريا وتقنيا وعلميا، لأن الانفجار الناتج عن قصف صاروخي يتسبب في موجتين واحدة صوتية وأخرى هوائية تنتشران بشكل دائري وفي مسار متموج انطلاقا من بؤرة الانفجار، وتسببان انفجارا في جيوب الرئتين، وشعيرات الدم على الأعين وطبلتي الأذن، وينتج عن الموجتين أيضا حروق سطحية وكشط للجلد العاري، ويعطلان الحواس الخارجية... لكل من تواجد ضمن دائرة الانفجار بقطر 40 إلى 60 متر مع إمكانية الإصابة بالشظايا المتطايرة...، بينما الرجل والمرأة في المقطع يبدوان سليمين ويتحدثان دون صدمة نفسية وبحواس سليمة، وتساءل عن سبب عدم ظهور أشلاء السائقين المتطايرة نتيجة الانفجار، ثم طالبوا في النهاية مراجعة صورة سيارة الجنرال الإيراني "قاسم سليماني" التي انصهر هيكلها وتفكك عن آخره، نتيجة قصف صاروخي موجه باستخدام طائرة "درون"...، مختتمين كلامهم بالقول: إن الشاحنتين إما أضرم فيهما النار عمدا، أو جرى تفجيرهما من الداخل عبر جهاز تحكم عن بعد، وأن الانفجار كان ضعيفا نسبيا ولم يفكك هيكل الشاحنتين بل كسر الزجاج فقط وأتلف تجهيزات المركبتين، وتسبب في اشتعالهما.... بمعنى أننا أمام فرضية أن يكون هذا الحادث هو النسخة الجديدة من الوثائقي المسرحي : "سقوط خيوط الوهم"
هنا نعود إلى الجنرال الخرافي بدولة الطوابير الخبير في التسليح ونتساءل: كيف فاتته مثل هذه الملاحظات، ومن أصدر الأوامر للصحفي كي لا يعرض الصور والمقاطع المسجلة أمامه؟ ولماذا لم يطلب الصحفي من الخبير قراءة تلك المقاطع بعين خبرته... ؟ الجواب أن أبناء دولة الطوابير رغم خيالهم الواسع إلا أنهم أغبياء في الإخراج والسيناريو، فالذي أصدر الأوامر لمناقشة حادث إخراج الشاحنتين في بلاطو صحفي من جهة واحدة، ونظرية المؤامرة والأيادي الخارجية...، هو نفسه المخرج الذي ورط بلادا مثل دولة الطوابير قبل أشهر في مستملحة ترسيم الحدود مع الكيان الوهمي بأسلوب كوميدي...، وهو نفسه الذي أمر بإشعال دولة القبايل لتأديب أهلها بعد الامتناع عن التصويت...، وهو نفس الشخص الذي دفع بالشاحنتين إلى سلك مسار يقود إلى أراض مليئة بالألغام؛
واليوم يعود نفس الشخص إلى الربط بين محرقة الشاحنتين وحادث باماكو الذي قتل فيه سائقين مغربيين بالرصاص، رغم أن التحقيق إلى الآن لا زال لم يكشف لنا عن الأيادي الآثمة التي أزهقت روحهم، وهو نفسه الذي جر قصر المرادية من أجل التورط واتهام المغرب في قضية الشاحنتين حتى قبل أن يعرف أحد المكان الذي جرت فيه حادثة المسرح.... وهو الذي أصر على أن يكون الحادث متزامنا مع ذكرى 01 نوفمبر لإيقاظ مشاعر أبناء دولة الطوابير...
السيناريو أعلاه يكشف لنا معطيات مهمة تخص تصفية الجنرال المسؤول عن دائرة الإشارة وأنظمة الحرب الإلكترونية، يذكر أنه ثاني جنرال يودعه قصر المرادية في أقل من أسبوع،
ليبقى الاتهام لصيقا بالجنرال شنقريحة الذي يريد تصفية كل الموالين للمقتول القايد صالح، فقد قام بتصفيته ثم دفعوا بالشاحنتين بعد شحنهما بالسلاح نحو مكان مليء بالألغام ليوهموا الشعب هناك بأنه قتل جراء القصف المغربي المزعوم؛
نخلص الٱن إلى أن كل الاتهامات التي يكيلها قصر المرادية للمغرب مجرد تصريف للأزمة الداخلية.
التعليقات على الموضوع