الغباء والتهور في إنتاج العلاقات الديبلوماسية داخل دولة الطوابير
إن العالم اليوم لم يعد كالسابق، ذلك أن التطور التكنولوجي جعله كأنه بلد واحد، بل مدينة واحدة، هذا التطور الرهيب يقتضي تطورا في الأفكار والإنتاج من أجل المواكبة، وهو ما لا يريده النظام الحاكم في الجزائر، فدائما ما يطل علينا برؤوس فشلت بالماضي باعترافه هو، (لعمامرة نموذجا) ففي ظل تسابق الدول إلى توطيد العلاقات السياسية والديبلوماسية مع دول العالم خصوصا دول الجوار خرج تبون يطلق العنان للسانه من إيطاليا على تونس وليبيا، وهو ما جعل الباحثين والأكاديميين السياسيين يفتحون النار على دولة الجزائر؛ لأن من يتكلم لسانها الرسمي، كما فتحوا النار على رئيس دولتهم الذي لم يخرج للرد أو نفي الوصايا التي تبجح بها تبون، وعلى منواله نهج لعمامرة فبدأ يفصل بمقصه الخيط الذي يربطه بإسبانيا مجاورة واتفاقا، تلك الاتفاقية التي جاءت سرا إبان الأزمة المغربية الإسبانية التي كادت تتحول إلى حرب مسلحة سنة 2002 على جزيرة ليلى المستعمرة من طرف إسبانيا، فكان هذا الاتفاق بمثابة صداقة وأخوة لجار إيبيري مسيحي على جار غربي مسلم، هذا التفاضل المضاد الذي كشفت بعض خيوطه سنة 2010 بعض قنوات إسبانيا هو الذي ينسف تلك الادعاءات الخرافية والشعارات الرنانة التي تتغنى بها دولة الكبرنات في كل المناسبات بأنها تقدم حياتها فداء لدين الإسلام ولمقدساته خصوصا قضية فلسطين، التي لا تملك حتى تمثيلية رسمية داخلها، فكيف يكون الفداء بالشعارات، وها هي تتحد أمام جار مسيحي له تاريخ أسود على الإسلام والمسلمين تاريخيا، بل أكثر من هذا ذهب ممثلها حينها لعقد اتفاقية تقتضي الدفاع بالسلاح إن اقتضى الواقع فرضه، ناهيك عن الشهادة بلاهاي بأنها أرض إسبانيا لا علاقة لها بالمغرب.
ولأن الديبلوماسية تقتضي الحنكة ورجاحة العقل، فمجرد خطأ بسيط قد ينتج عنه قطع أواصر التواصل، فهي عند كبرنات أبناء دولة الطوابير مجرد روتين تتحكم بها إيديولوجية المواقف، فكلما كان المغرب طرفا إلا ودولة الطوابير (الجزائر) تصاب بالسعار ليس دفاعا عن مبدأ الأخوة والدين، وإنما عن مبدأ العقدة التي رضعها كل أبناء أبناء دولة الطوابير السياسيين والإعلاميين، تلك العقدة التي انتجها بومدين إبان الصراعات الماضية، فرضع منها كل من اعتلى قصر المرادية سواء بالديموقراطية أو بالزور، وهذا الأخير هو الموجود لا غير، ومؤسسة الجيش هي الضامن للزور، والساهرة على تنحية الديموقراطية، فكل من اعتلى قصر المرادية لا بد من اختباره بقضية الولاء والبراء التي تتجلى في معاكسة المغرب،
هذا التهور والغباء هو الذي جعل العام يسخر منهم كما حدث مع ماكرون عندما نطق بالحقيقة وأنكر دولة اسمها الجزائر تاريخيا، وهو كذلك فهي دولة سرطانية أنجبتها جرة قلم فرنسية سنة 1962م فتركتها مثل العاهرة في كل مرة تنجب فتتهم شخصا جديدا، غير أن العاهرة (الجزائر) هنا دائما ما تتهم شخصا واحدا هو المغرب.
وتتوالى الأزمات فبعد ألمانيا وروسيا وفرنسا ومصر الذين خيبوا ظنها، أرادت أن تسترجع هيبتها المزعومة مع إسبانيا بعد أزمة بن بطوش والتي تكفلت حينها بدفع ثرواتها الباطنية بثمن شبه مجاني، صعقها الاتحاد الأروبي برد فيه اصطفاف إلى جانب إسبانيا، فهرعت إلى أمها فرنسا تهاتفها من أجل ترك الكرة بينهما مع امتياز لم يفصح بعد لا عنه ولا عن نتائجه، كما لجأت أيضا في أزمتها إلى شيطنة الجامعة العربية لكتب مقال تنديد فيه بالتصرف الإسباني، وتتضامن معها أمام إسبانيا، لكنها للأسف لم تجد بغيتها؛ لأن الدافع الأساسي لافتعال هذه الأزمة ليست إسبانيا وإنما المغرب الذي انتزع اعترافا من إسبانيا بمغربية الصحراء، ولهذا لم تندد الجامعة العربية، فبقيت دولة الطوابير وحدها معزولة...
التعليقات على الموضوع