قلمك قلمك
recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

  1. مقال رائع، فالعلوم تكمل بعضها بعضا، وهذا لا يعين التشابه والخلط

    ردحذف
  2. الفلسفة طريق لتثبيت العلم والعقيدة، والعقيدة إحدى نتائج الفلسفة والله أعلم

    ردحذف

العقيدة والفلسفة

 بين العقيدة والفلسلة




لطالما كانت بين العلوم والمعارف جسور وعلاقات، كما أنه لطالما حافظت هذه العلوم على استقلالها التام، دون الوقوع في الاختلاط حد الامتزاج.

 إلا أن هذا التواصل بين العلوم دائما يشكل لبسا عند كثيرين، فيصدرون أحكاما -تشابها وغفلة منهم- من قبيل أن بعض العلوم توشك أن تتداخل بعضها في بعض إلى حد قول بعضهم: إنما هي مُسميات مختلفة لمدلول واحد، وإنما الإختلاف يقع في دلالتها، والذي لو غيرت بنفسها ونسج منها علم واحد، لكنهم نسوا بأن اختلاف الدال يؤدي إلى اختلاف المدلول؛ لأن اختلاف المباني يفضي بداهة إلى الاختلاف في المعاني؛

فرغم التداخل الحاصل بين العلوم إما على مستوى النتائج، أو الأهداف أو غيرهما، إلا أن الاختلاف بينها حاصل؛ منهجا، وموضوعا، واسماً، حتى على مستوى الركائز والبُنى التي ينبني عليها كل علم، وكذلك على مستوى الأطر المرجعية التي يستند إليها كل علم، 

ولعل من بين هذه المتشابهات كنموذج، ذلك الخلط الحاصل عند البعض بين الفلسفة والعقيدة.

- فالعقيدة إيمان وأمان وإسلام واستسلام واتباع وانقياد، والفلسفة تجريد وعقلنة ومنطق وميتافزياء، فحتى وإن جمعتهما اللغة،

فالفلسفة ليست استسلاما، وﻻ عقيدة وﻻ إيمانا، فهي ثورة العقل على الخرافة، وعن كل ماهو غير عقلاني. والعقيدة توجد فيها أشياء غير عقلانية لا بد من التسليم بها كما نقلت بعيدا عن التعليل والتحليل، وهي إحدى النقط التي تفصل بينهما،  بينما الفلسفة فكر وتجريد ونقد وانتقاد، ومهمة الفيلسوف ليست هي مهمة الداعي إلى عقيدة، فالفيلسوف باحث عن الحقيقة دون التقيد بأي خلفية، بينما الداعي إلى عقيدة لا بد من التقيد بالعقيدة التي يدافع عنها، بقطع النظر عن صحتها من عدمها، فبرز فرق بينهما، خصوصا من حيث المبدأ والمنهج والموضوع... وهما معا قد يبلغا من الحدود فيقعان في التداخل بينهما، بحيث قد يتضمن أحدهما الآخر، فتتضمن الفلسفة أفكارا عقدية، أو قد يُستلهم المنهج الفلسفي في الدفاع عن العقيدة... كما هو حاصل لتعريفات علم الكلام، فعرفه ابن خلدون بأنه الدفاع عن العقائد الإيمانية بالحجج والأدلة العقلية،  على اعتبار أن علم الكلام مبحث فلسفي، وقد يمكن اعتبارها خلايا ميتة في جسم حي،  فالعقائد عموما تُنتج أنماطا من الطقوس والشرائع والشعائر... أما الفلسفة فهي تنشد الحقيقة في ذاتها؛ عبر استدﻻﻻت منطقية، ولغة نسقية تجريدية...

وإن كانت العقيدة تعني: (التصديق الناشئ عن إدراك شعوري أو لا شعوري يقهر صاحبه على الإذعان لقضية ما) فالفلسفة على الضد من هذا، فلا وثوقية ولا تصديق دون الاستناد على الدليل، أو البرهان العقلي. وهذا ليس معناه أن العقائد لا دليل عليها، قد يستدل عليها بالعقل غالبا، ولكن أحيانا قد لا يحصل ذلك، ولو ُعُدم الدليل القاطع فهذا ليس مَدعاة إلى التشكيك في تلك العقيدة، أو التشكيك في صدق مُنتحِليها،  فلذلك مجاله وطرقه في تبيان زيف تلك العقيدة من صدقها.

أما بخصوص الفلسفة، فلا يمكننا التحدث عن زيفها من صدقها؛ لأننا لسنا بإزاء عقيدة، أو مذهب روحي، تدافع الفلسفة عنه،  وإنما بإزاء فكر، فلا نتحدث عنه من منطق الصدق والكذب، فلا صدق ولا كذب، إنما هناك فكر والفكر إنشاء، والإنشاء لا يحتمل الصدق والكذب؛

ثم على مستوى اللغة، فلغة العقيدة غير لغة الفلسفة، رغم  أنهما معا يطلبان الحقيقة. وكِلا الحقيقتين تختلف عن الأخرى، ولو من حيث المصدر والمنهج، وإن لم يكن الاختلاف بينهما حاصل على مستوى الجوهر، على حدّ قول ابن رشد: "فالحكمة أخت الشريعة من الرضاعة" والذي يجب أنْ لا يُغفل، ويؤخذ بعين الاعتبار هو أن العلوم متكاملة فيما بينها وأنه لا تعارض بينها، أي أن الحق ﻻ يضاد الحق بل يوافقه ويؤيده ويشهد له، وما كان دون ذلك فليس من العلم في شيء

عن الكاتب

قلمك

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

قلمك